
السمارة: تعاونية حجارة السمارة.. مشروع شبابي نجح في تثمين المنتوج المحلي وتسويقه جهويا ووطنيا
شعلة:
زريبيع خليلي، هو أحد أعضاء تعاونية حجارة السمارة، التي تأسست سنة 2011، أكد أن فكرة التعاونية ابتدأت من طرف مجموعة من شباب العائلة بالمدينة، وكانت بهدف تثمين وتسويق المنتوج المحلي ، بناء على قاعدة العشق للموروث المحلي للمدينة، خاصة ما تزخر به بناياتها من جمالية اعتمدت على الحجارة المحلية في البناء قديما، وحافظت على متانتها وصلابتها كمبان تاريخية ما زالت قائمة إلى اليوم، كزاوية الشيخ ماء العينين الروحية ، والمسجد العتيق،وبعض بيوت ساكنة المدنية، غير أن استعمال الحجارة في البناء قديما، كان يجري بطريقة تقليدية،على هيأتها الطبيعية من المقلع الى البناية،دون إدخال أي تعديلات عليها، وهو ما استلزم منا كأعضاء بالتعاونية ،العمل على تطوير الفكرة ومسايرة تطورات العصر بتطور العمران بما يخدم جمالية المشترك وتوظيفه في فن العمارة وتتمين هذا المنتوج محليا عبر تسويقه جهويا و وطنيا .
ويقول زريبيع خليلي، أن البداية كانت صعبة جدا، وأن التضحية والصمود أمام الإكراه المادي كان ضروريا لإنجاح فكرة المشروع الذي كان مجرد حلم ،وكانت التعاونية حين انطلاقها لا تتوفر على دخل مادي يمكن الاعتماد عليه من أجل تنمية مشروع ، خاصة عملية نقل وتقطيع الحجارة، بحكم أن العمل في ورش المشروع يحتاج إلى آليات وأجهزة نادرة في السمارة.
مع مرور الوقت تطورت الفكرة من طرف أعضاء التعاونية ، وازداد عدد منخرطيها الى 21 منخرطا شابا، من حاملي شهادات تقنية ودراسات جامعية وثانوية، فقرروا جميعا خلق مشروع مدر للدخل انطلاقا من مادة خام موجودة بضواحي السمارة، يعتمد العمل بها على تقطيع الحجارة وجعلها جاهزة للاستعمال في أشغال البناء ، وهو ما يعد من المهام الصعبة ،وبالرغم من الإقبال عليها من طرف عدد من شركات البناء و الزبائن الخاصين، تواجه التعاونية إكرهات عدة يؤكد خليلي، غير أن الطموح والإرادة القوية التي تطبع إرادة وعمل المنخرطين جعلها صامدة من أجل الاستمرارية داخل سوق تنافسية قوية ،إلى أن تدخلت وكالة الجنوب لمواكبة المشروع في إطار مشاريع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ، بشراكة مع عمالة السمارة و المبادرة الاقليمية للتنمية البشرية،وذلك بدعم التعاونية من خلال منحها قطعة أرضية وبناء مقر لها فوق بقعة أرضية وفرتها عمالة اقليم السمارة، تم تجهيزها بمعدات وآليات لتقطيع الحجارة وآليات النقل تم الانتاج والتسويق، وهو ما كان له وقع وانعكاس إيجابي خاص على عمل منخرطي التعاونية.
و بازدياد الطموح وقوة الإرادة لدى منخرطي تعاونية حجارة السمارة في تطوير مشروعهم ، تقدمت التعاونية بطلب في إطار الدعم الذي توفره المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للشباب حاملي المشاريع الصغرى المدرة للدخل، حيث استفادت التعاونية من شاحنة صغيرة «بيكوب» مكنتها من نقل المادة الخام من واد الساقية الحمراء بالسمارة “مقلع الحجارة” إلى الورشة، ويقول خليلي، أن توفير النقل كان مهما بالنسبة للتعاونية التي كانت تعتمد في البداية على اكتراء وسائل النقل بمبالغ هامة انعكست سلبا على المشروع من ناحية كلفة الإنتاج والتسويق .
وبفضل دعم شركاء التعاونية تمكنت اليوم ،من رفع وتيرة إنتاجها بعد توصلها بدعم عبارة عن جرافة «تراكس» أعفي العاملين بها ومنخرطيها من أعباء نقل الأحجار الكبيرة يدويا وعن طريق الكراء، وبالتالي تشجيعهم على مواصلة الاشتغال في الميدان، حيث تنقل التعاونية الحجارة من الوادي، إلى المصنع لينطلق المنخرطون في عزلها حسب حجمها وسمكها، وبالتالي ترتيبها حسب مقاسات مختلفة حسب طلب الزبائن، إذ أن أغلبية المقاسات تتراوح بين 3 و5 سنتمترات في السمك.
وتخضع هذه الأحجار، حسب المقاسات، للتقطيع بواسطة آلات كبيرة اعتمادا على برمجتها بواسطة آلة الحاسوب، ويقول خليلي، أن الأجهزة التي توصلت بها التعاونية عبارة عن دعم في إطار المشاريع المدرة للدخل، تعد من الأجهزة المتطورة التي يجري الاعتماد عليها في الميدان.
و بالموازاة مع التقطيع بواسطة الآلات الأوتوماتيكية ، يتم العمل يدويا باستعمال أجهزة يدوية في تحديد حجم الحجارة المطلوبة، مع ضرورة توفير معايير الدقة التي يجري تحقيقها بنجاح عبر وسائل بسيطة من قبيل المسطرة المرقمة والأقلام.
ويوضح خليلي مراحل الإنتاج ،بتحضير المنتوج للاستهلاك عبر مراحل متعددة حسب نوعية الطلب قبل التسويق، وتحدث عن وضع هذه الحجارة المقطعة بشكل متواز حسب حجمها، فتختلف بين مترين مربعين وثلاثة أمتار وأكثر.
ومما زاد من نجاح تجربة مشروع تعاونية حجارة السمارة ، كتجربة شبابية رائدة على مستوى اقليم السمارة، هو ارادة منخرطيها ودعم شركائها من القطاعين العام والخاص، والمشاركة في صفقات عدد من المشاريع التي اعتمدت منتوج التعاونية في أشغال أوراش مهمة عرفتها المدينة ، من قبيل بناء واجهة شارع محمد الخامس، ومجموعة من البنيات بما فيها المباني الخاصة بقطاعات حكومية، حيث أضحت تعاونية حجارة السمارة اليوم ،بفضل جودة منتجاتها وإرادة منخرطيها،قوة تنافسية مهمة على الصعيد الوطني ، وهو ما أهلها اليوم الى أن تقف على كيفية الاستفادة من ديناميات النمو في السوق الوطنية والعالمية الخاصة بالحجر الطبيعي،الى جانب شركات وطنية ودولية وازنة عاملة في قطاع الرخام والحجر الطبيعي، والديكور والتصميم الصناعي، والانعاش العقاري والبناء، والنقل واللوجستيك، ومواد البناء ومقالع الحجر، والتصدير والاستيراد، والاستفادة من تجاربهم وخبرات مهندسين وخبراء متخصصين في قطاع الحجارة الطبيعية كالرخام والبناء.