المقاريبة الأمنية بإقليم السمارة”الحصيلة و الإنتظارات”
21 نوفمبر، 2014
شعلة بريس
عمر لعسري”السمارة”
يبدو أن دعاء سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ” ربي اجعل هذا البلد أمنا.. ” قد تحقق بهذه المدينة الفتية ، فرغم شظف العيش والهشاشة الاجتماعية والفقر وانعدام فرص العمل وهي محفزات لاقتراف الجرائم وممارسة الانفصال فإن الحالة الأمنية بإقليم السمارة متحكم فيها بشكل كلي ولا يدعو إلى القلق. وستكتشف ذلك وأنت تتجول بين أحياء وأزقة هذه المدينة المترامية الأطراف، وذلك بفضل يقظة رجال الأمن بكل أصنافهم وانضباطهم للتعليمات وتطبيقهم للخطط الإجرائية الوقائية التي يتم اعتمادها بناء على معرفة مسبقة ودقيقة ، وهدف كل هذه التدخلات هو تجفيف منابع الجريمة ورصد بؤرها بشكل دائم ومستمر. ومما لا شك فيه أن جهاز الأمن بالإقليم على الأقل لم يعد ذلك البعبع المخيف الذي ينفر المواطنين ، فأبوابه مفتوحة ويده ممدودة للمواطن ولكافة الجمعيات الساعية إلى التنسيق والمشاركة من أجل القيام بعمل استباقي وقائي لمحاربة جميع أشكال الانحراف، ولا يختلف اثنان بكون الدول الكبرى اليوم تقاس عظمتها بقدرتها على ضمان الأمن والاستقرار لمواطنيها، فالأمن أساس التنمية بكل أبعادها . وكما يعلم الجميع فصاحب الجلالة الملك ما فتئ يعطي تعليماته السامية لوزير الداخلية والوزير المنتدب لدى وزير الداخلية بضرورة تجسيد وترسيخ التنسيق المحكم بين مختلف الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية وذلك في إطار المقاربة التشاركية مع تطوير أساليب العمل وتبادل المعلومات والشعور بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم والوفاء لروح القسم الذي أداه كل مسؤول على حدة، وذلك في أفق تعزيز ثقة المواطن في المقاربة الأمنية وتقوية إحساسه وشعوره بالاستقرار الأمني ، وهي الرسالة التي التقطها مباشرة مسؤولو وموظفو المنطقة الأمنية للأمن، وذلك بدراسة الوضعية الأمنية بمختلف أحياء وشوارع الإقليم عبر السهر على تطبيق القانون وأحيانا كثيرة روح القانون، عن طريق إجراء مسح لأهم بؤر التوتر والنقط السوداء مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية الآنية، وذلك وفق خطة أمنية محكمة ترتكز أساسا على جعل المواطن في صلب الاهتمام وفق برنامج عمل يقوم على أربع نقاط : (فهم الثقافة الخصوصية المحلية , التواصل , التشخيص , الحل المناسب ) وهي استراتيجية أمنية عملية أعطت أكلها على واقع الأرض حيث تستمد فلسفتها من دستور 2011 وتفعيل المفهوم الجديد للسلطة وسياسة القرب والتواصل والإصغاء والاستجابة الفورية لتطلعات وإنتظارات المواطنين . هذا وتهدف هذه الخطط إلى إشراك المواطنين فردا وجماعات في السياسة الأمنية المنتهجة، باعتبار الدور الذي بات يلعبه كفاعل قوي في تصوراته العامة لسياسة القرب، التي تستهدف قضاياه، بحكم القوة الاقتراحية الجديدة والأدوار التي يستمدها من الدستور المغربي خصوصا الشق المتعلق بحق وصول المعلومة للمواطن، إضافة إلى وضع آليات وبرامج شمولية من أجل محاربة كافة أنواع الجريمة، التي أضحت تقض مضجع المواطنين وتقلق راحتهم، خاصة في المناطق التي تعيش اللاستقرار والهشاشة، والتي تعتبر البوابة الرئيسية لممارسة شتى أنواع الجريمة والتي تتطلب تضافر الجهود بين السلطات الأمنية وفعاليات المجتمع المدني للتحسيس بخطورة هذه الآفة، وانعكاساتها السلبية على سلامة المواطن الجسدية والنفسية، الأمر الذي يتطلب مجهودات إضافية في مجالات التوعية والتربية الحقوقية والمواطنة الحقة ، خصوصاً من طرف المؤسسات التعليمية و التربوية والشبابية والرياضية ومجموعات الأحياء. وفي الإطار نفسه يمكن اعتبار أهم العوامل نجاعة في هذا البرنامج الأمني والتي أفضت لهذه الحكامة الأمنية المحكمة هو العمل على خلق فرص للشغل والاهتمام بالناشئة وشغل أوقات فراغها وتأطيرها بدءا من الأسرة إلى المصالح المعنية وخلق الثروة للأرامل والفئات المعوزة عبر مشاريع مدعومة مدرة للدخل مع مراقبة إنجازها وتأهيلها. في حين يعرف إقليم السمارة على الخصوص شكلا ديموغرافياً متنوعاً يضم جميع الإثنيات المشكلة للثفافة المغربية بحيث أن هذه الخصوصية للمدينة تغري بالانحرافات غير الطبيعية، كالعنف والعنف المضاد والسرقة وتخريب الممتلكات، وحوادث السير، والتسول، والاتجار في المخدرات، واحتلال الملك العمومي بطريقة عشوائية وفوضوية و للمواطن الحق أن يتساءل : هل المقاربة الأمنية وحدها كفيلة للتحكم في الوضعية الأمنية الحالية ؟ كما أنه من الخطأ الاعتقاد بأن مصالح الأمن والأجهزة الأخرى المكلفة بحماية المواطن، قادرة لوحدها للتصدي لمختلف أنواع الجريمة رغم المجهودات المبذولة، ورغم النوايا الصادقة للمسؤولين في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الوضعية الأمنية الراهنة .. ؟ الأمر أكثر تعقيداً مما يتصور المواطن البسيط، الذي يختزل الحل فقط في المقاربة الأمنية، بحكم المسؤولية المباشرة المقترنة بها. صحيح أن الكل يقر بدور المقاربة الأمنية ومسؤوليتها في التصدي للجريمة بأنواعها، خصوصا في النموذج الذي تعرفه مدينة السمارة، لكن يجب إن نقر أيضا أن هذه المسؤولية لا يمكن ان تأتي أكلها دون المقاربة التشاركية الحقيقية لكل القطاعات وفئات المجتمع المدني المختلفة بدءً من الأسرة والمدرسة والإعلام ، ومروراً بالقطاعات السوسيو- اقتصادية والرياضية ، والجماعات المحلية، حيث المقاربة لا تقبل التجزئة أو الحصر في فئة دون أخرى ، لان العملية في الواقع جد مركبة، الشيء الذي يتطلب تدخل وإشراك عدة اختصاصات علمية وطبية ونفسية، وعليه لابد من وضع استراتيجية شاملة توزع فيها الأدوار بين كل المتدخلين في العملية، و اعتماد المقاربة الأمنية بمفردها ولو بكفاءة أطرها وتنوع عتادها اللوجيستيكي، لا يمكن لأسرة الأمن من الرجال والنساء الساهرين ليل نهار على أمن وراحة المواطن أن يواجهوا هذا العبء الثقيل لوحدهم، دون أن توفر الدولة المزيد من مراكز الشرطة والمزيد من الموارد البشرية، وإعادة تأهيل المحاكم المدنية والسجون. ويأمل الفاعلين المحلين والساكنة أن يبقى هذا القرار قرار استتباب الأمن من طرف الإدارة الأمنية بشكل دائم لا مرحلي يذهب بذهاب المسؤولين ، حتى يتم تصحيح المقاربة الأمنية في أذهان الساكنة والإنصات لانشغالات المواطنين ووضع أسس للتعاون تكون مبنية على الشفافية والشجاعة والكرامة والمصداقية والقيم السامية، وتغيير الصورة النمطية المشكلة في الأذهان عن رجل الأمن كضرورة حتمية وضرورة اجتماعية بل أحد أشكال الوعي الاجتماعي الذي ينظم العلاقة فيما بين هذا الجسم والمؤسسة الأمنية كمرفق عام أسس من أجل الحفاظ على الاستقرار والنظام العام واحترام الحقوق والحريات الجماعية والفردية ،وتطبيق القانون تطبيقا سليما في إطار حياد تام بغض النظر عن انتماءات الأشخاص سواء من الناحية الاجتماعية أو السياسية أو النقابية أو الثقافية.
المقاريبة الأمنية بإقليم السمارة"الحصيلة و الإنتظارات" 2014-11-21