
حزب الأصالة والمعاصرة بإبن جرير.. احتقان داخلي وتهميش قد يعصف بالحزب في معقله.
شعلة
يعيش حزب الأصالة والمعاصرة بمدينة ابن جرير على وقع غليان غير مسبوق في صفوف مؤسسيه ومناضليه الأوائل، الذين كانوا في طليعة المسيرة السياسية التي جعلت منه قوة وازنة في المنطقة خلال ولايتين متتاليتين، الأولى بقيادة التهامي محب والثانية تحت إشراف عبد العاطي بوشريط. غير أن نتائج الانتخابات الأخيرة كشفت عن تراجع كبير للحزب، حيث لم يتمكن من الحصول سوى على ستة مقاعد في مؤشر واضح على فقدان الثقة والدعم الجماهيري.
مناضلو الحزب الذين كانوا يشكلون القاعدة الصلبة له في ابن جرير ،وجدوا أنفسهم فجأة خارج مراكز القرار، إما بسبب التهميش أو الإقصاء الممنهج الذي اعتبروه نتيجة تحكم جهات من خارج الإقليم في مصير الحزب. هؤلاء المناضلون، الذين صنعوا قوة الحزب محليًا، أصبحوا اليوم يشعرون بأن مشروعهم السياسي قد تم الاستيلاء عليه من طرف أطراف لم يكن لها أي دور في بنائه ، ما جعلهم يفكرون جديًا في اتخاذ خطوات حاسمة بدل الاكتفاء بالجلوس كمتفرجين.
في المجالس واللقاءات غير الرسمية، يدور النقاش بين هؤلاء الغاضبين والمبعدين حول مستقبلهم السياسي، حيث يعتبر العديد منهم أن غياب تلك الوجوه البارزة التي شكلت العمود الفقري للحزب في ابن جرير تسبب في عزوف شامل عن المشاركة في الانتخابات. هذا الفراغ السياسي، الذي تركه المؤسسون والمناضلون الحقيقيون، تزامن مع عودة تدريجية لأشخاص سبق أن تم اقتلاعهم من تدبير الشأن العام، وفق رؤية فؤاد عالي الهمة آنذاك، عندما كان يعتبر أن الحزب يجب أن يتأسس على الكفاءة والالتزام، لا على المصالح الضيقة. هذه العودة، التي يراها البعض تراجعًا عن المبادئ التي قام عليها الحزب في بدايته، زادت من حدة الاستياء وأضعفت أكثر موقف الحزب محليًا، مما جعله يفقد الكثير من بريقه الانتخابي والسياسي.
إلى جانب ذلك، أصبح الحزب وفق رأيهم عاجزًا عن القيام بأدواره الطبيعية في تأطير المواطنين وتنظيم أنشطة إشعاعية وتكوينية تقربه من الساكنة، وهو ما أفقده المزيد من مكانته وسط المجتمع المحلي. فقد تراجعت ديناميكية الحزب بشكل ملحوظ، ولم يعد قادرًا على تقديم بدائل أو برامج تساهم في التفاعل مع قضايا الساكنة، ما جعله يغيب عن المشهد السياسي المحلي كفاعل حقيقي، تاركًا المجال فارغًا لقوى أخرى استغلت هذا الفراغ لصالحها.
المثير للسخرية وفق رأيهم دائما أن القيادة الحالية للحزب، التي تدعي حرصها على استمرار نفوذه في معقله التاريخي، لم تقدم أي خطوات عملية لتحقيق ذلك. فوعود فاطمة الزهراء المنصوري المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية، التي أكدت مرارًا أن الحزب سيظل قويًا في الرحامنة، لم تتحقق على أرض الواقع، بل لم تطأ قدمها الإقليم إلا مرة يتيمة، اضطرارًا لاحتواء أزمة داخلية قبل الانتخابات بعد نزوح عدد من المناضلين نحو الاتحاد الاشتراكي بقيادة الدكتور حميد نرجس. حتى الوعد الذي أُطْلِق بشأن بناء أكبر مقر للحزب في معقله ظل حبرًا على ورق، شأنه شأن الكثير من الشعارات الفارغة التي رُوجت في السابق حسب قولهم .
أمام هذا الوضع، يجد حزب الأصالة والمعاصرة نفسه أمام مفترق طرق خطير في ابن جرير . فإما أن تتحرك القيادة لإعادة الاعتبار للمناضلين الحقيقيين وتصحيح المسار قبل فوات الأوان، وإما أن الحزب سيشهد موتا سريريا في معقله، تاركة إياه مجرد ذكرى لحزب وُلد في هذه الأرض لكنه تلاشى فيها بسبب أخطاء قيادته.