
حزب الاستقلال بالرحامنة.. صراعات داخلية خفية ،وتصدعات تهدد مستقبله السياسي.
شعلة: عين على الاحزاب
يعيش حزب الاستقلال بإقليم الرحامنة على وقع أزمة داخلية غير مسبوقة، تفاقمت قبل الانتخابات المحلية الأخيرة بسبب قرارات فوقية فرضتها القيادة الوطنية و الجهوية في سخصي ميارة و ابدوج ، والتي تعارضت مع رغبة القواعد الحزبية. وبعد الانتخابات، ازدادت حدة التوتر حين أُرغم المناضلون على الالتزام بتوجيهات الكاتب الجهوي للحزب بفك الارتباط مع ما كان يسمى G19 على مستوى تشكيل مجلس جماعة إبن جرير، وهو ما أدى إلى موجة رفض واسعة داخل التنظيم، انعكست على استقالة الكاتب الإقليمي تضامنًا مع رفاقه، في خطوة زادت من تعميق الهوة داخل الحزب.
وفي محاولة لإعادة ترتيب البيت الداخلي، تم تكليف عبد الرحيم لمتوبي، الذراع الأيمن للنائب البرلماني عبد الحليم المنصوري، بقيادة الحزب اقليميا، وهو قرار لم يلقَ إجماعًا بين المناضلين. فقد اعتبر العديد منهم أن الحزب “تم الهروب به من الرحامنة إلى مراكش”، في إشارة إلى السيطرة المطلقة التي أصبحت للقيادة الحالية المتمركزة في المدينة الحمراء. نتيجة لذلك، قام عدد من المناضلين في ابن جرير بتجميد أنشطتهم الحزبية، تعبيرًا عن رفضهم للوضع الجديد، مما زاد من حالة الجمود التي يعيشها التنظيم بالإقليم.
و للإشارة لطالما كان حزب الاستقلال منافسًا قويًا لحزب الحركة الشعبية في الرحامنة، مستفيدًا من إرثه النضالي وارتباطه التاريخي بالمقاومة وجيش التحرير. لكنه بدأ في فقدان بريقه تدريجيًا مع تغلغل رجال الأعمال والتجار في هياكله، مما تسبب في انقسامات حادة بين تيار تقليدي متمسك بالقيم التاريخية للحزب، وآخر براغماتي يسعى لتحقيق مكاسب سياسية بأي ثمن. وقد انعكست هذه الخلافات بشكل واضح في الانقسام الذي حصل بين تيار اسبري الذي يبسط نفوده على كرسي الغرفة التجارية مند عدة ولايات و تيار عبد الوهاب بنطالب هذا الأخير ينحدر من اسرة استقلالية حتى النخاع ، ما أدى إلى إضعاف الحزب محليًا.
جاء عبد الحليم المنصوري،خلال الاستحقاقات الأخيرة لمحاولة إعادة بناء الحزب، ونجح في وضعه ضمن قائمة الأحزاب الكبرى بالإقليم، حيث تمكن من تحقيق إنجاز غير مسبوق بفوز الحزب بمقعد برلماني عن دائرة الرحامنة، وهو إنجاز لم يتحقق منذ عقود باستثناء فترة عبد الوهاب بنطالب حين فاز بمقعد برلماني عن دائرة صخور الرحامنة قبل اعتماد نظام اللائحة . ومع ذلك، فإن الطموح لتحقيق مكاسب جديدة في الاستحقاقات المقبلة، سواء بالحصول على مقعد برلماني ثانٍ أو تعزيز الحضور في الجماعات الترابية، قد يصطدم بحالة التصدع الداخلي وفقدان ثقة العديد من المناضلين.
المعركة التي يعيشها حزب الاستقلال بالرحامنة اليوم ليست مجرد أزمة ظرفية، بل تعكس صراعًا جوهريًا بين توجهين مختلفين داخل التنظيم: تيار تقليدي يقوده بعض رجال التعليم و بعض المناضلين الاستقلاليين القدامى يرون في الحزب مشروعًا نضاليًا يجب أن يحافظ على هويته، وتيار آخر أكثر واقعية يسعى إلى الانفتاح على تحالفات جديدة لضمان التموقع السياسي. نجاح الحزب في تجاوز هذه الأزمة سيعتمد على قدرته على تحقيق توازن بين هذين التوجهين، وإلا فإن استمرار الخلافات قد يؤدي إلى تراجعه نحو الهامش وفقدانه مكانته في المشهد الحزبي بالإقليم.