تصفح جريدة شعلة

الرئيسية » أخبار وطنية » شرعية على المقاس: شرعية من لا مشروع له. بقلم محمد خليفة.

شرعية على المقاس: شرعية من لا مشروع له. بقلم محمد خليفة.

شعلة : بقلم محمد خليفة

من أقوال علي -كرم الله وجهه-: “آلة السياسة سعة الصدر”، فانطلاقا من حكمة القول، لكم يسعدنا التفاعل مع ما قد يطرح من مواضيع وإشكالات من طرف بعض أبناء البلدة، سيما المتوسلين للأسلوب اللبق في التعبير عن أطاريحهم، مستحضرين واجب غض الطرف عن القول السفيه، كتعبير عن سعة الصدر، التي نتمنى من أبناء هذه المدينة التطبع بها.
لقد كثر الحديث عن مفهوم، من الجميل الخوض فيه، سيما إذا كان ذو طابع سياسي وإداري وقانوني… ألا وهو (الشرعية).
وعليه، فإذا كانت النتيجة أم المقدمات، فإن السؤال بوابة للافتراضات، بل ومنطلق لكل موضوع، فما هي الشرعية؟
ببساطة غير مخلة بالمعنى، إن الشرعية تطلب عادة، في حق الشخص أو الجهة التي تمارس سلطة التصرف واتخاذ القرارات، فهي بذلك ذات حمولة سياسية، محيلة للآلية المُكسبة لحق إصدار القرارات، ما إذا كانت تعاقد أساسه التعيين أم الانتخاب… المنضبط للمعايير المتفق عليها.
ولعل ما سبق، يلزمنا باستحضار موقف -ماكس فيبر- الذي يسلط الضوء على إشكالية الهيمنة الشرعية، باعتبارها مقابلة لأنماط الفعل الاجتماعي فيقسمها إلى:
1- الهيمنة التقليدية: المرتكزة على الطابع المقدس للتقاليد، وروح العادات التي تسكن المجتمعات…
2- الهيمنة الكاريزمية: المستندة على العواطف المجَيَّشة من طرف الزعيم أو القائد، باستلهام البطولي والديني والخطابي… المشيد على الشعبوية.
3- الهيمنة العقلانية: المبنية على الإيمان بضرورة الاحتكام للمؤسسات المرتكزة على التعاقدات المصرفة في القوانين، إذ تتمأسس على المساواة واستبعاد الطابع الشخصي…
وعلى إثر ذلك، فأي شرعية نريد؟، هل هي شرعية الخطاب الشعبوي الافتراضي الذي ينهل من القاموس البسيط المخل بالمعنى؟ أم شرعية القذف والسب والخوض في الأعراض؟ أم شرعية استهداف النوع؟ أم شرعية المال في مصافحته للتفاهة المتغذية على صناديق السلطة، أم أننا مجتمع يحن للشرعية العقلانية التي تجد قوامها في القوانين والطابع المؤسساتي…؟
إننا نعتقد بعد هذا الكم الضئيل من التساؤلات، أن في العودة لتصور ماكس فيبر فائدة، إذ أن منطق الدولة الحديثة والأمم المتحضرة، يتماشى مع الهيمنة الشرعية العقلانية، فلا شرعية المال؛ ولا شرعية الشعبوية؛ ولا شرعية العائلات التقليدية… يمكنها أن ترتكز على العقلانية، إذ لا سيادة إلا للأمة، ويبقى السؤال هو كيفية التعبير عنها؟
لعل دستور المملكة المغربية يجيب، حيث ينص الفصل 2 على أن: “السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها.
تختار الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم.”، ولذلك تعبر عنها بواسطة ممثليها، لذلك يحدد الفصل 11 أساس مشروعية هذا التمثيل قائلا: “الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي…”، وحيث أن الفصل 30 يتحدث عن حق المواطنة في شقه المتعلق المساواة في الحق الانتخابي والترشحي، وبما أن مجالس الجهات والجماعات تنتخب بالاقتراع العام المباشر، وتسير شؤونها بكيفية ديمقراطية، بما يوجبه الفصل 135، فإن الطعن في شرعيتها أو تحليلها يستند على مخرجات الانتخابات.
فحينما نقول أن شرعية مجلس ما مهزوزة، فإن ذلك يستند لحجم الرقم المعبر عنه في المشاركة الانتخابية، ما يجعل التحدي عندئذ قائما في (إعادة الثقة)، فهل يمكن إعادتها بواسطة (تحالف المال والتفاهة المدعوم بالسلطة) قصدا.
ألا إن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، يقتضي الوقوف عند المسؤولية السياسية كمحل كركيزة للتمثيل، ولعل التعبير الواقعي على ذلك يجد مضمونه في التصويت، فإنه وانطلاقا من المادة 6 في القانون التنظيمي 113.14، يكون علنيا يتيح للعموم الإطلاع على موقف كل شخص للتاريخ، فالتصويت العلني قاعدة:
– أولا: لاتخاذ جميع مقررات المجلس؛
– ثانيا: لانتخاب رئيس المجلس ونوابه وأجهزة المجلس.
فما دامت المسؤولية السياسية هي تحمل نتيجة القرارات والمواقف داخل المؤسسة، فإن المواطن من حقه الإطلاع عليها وعلى مهامه، بل ومن واجبه السعي لها.
ولعل أهم ما يروج هو قول: (الرئيسة غير الشرعية)، فهل مثلا: لعيب مسطري وفق المواد من 9 إلى 13؟ أو لعيب في الأهلية كما في المادتين 14 و15؟ أم لعيب في شكل اللائحة الوحيدة كما تتيح المادة 17؟
فإذا كان الحرص على شرعية المجلس مهم لهذه الدرجة، وذلك فعلا ما يجب، فلماذا لا يتم الحديث بدقة عن من هم في وضعية الإخلال بالمادة 65 بأسمائهم وأشخاصهم، كما يفعل مع شخص الرئيسة ونائبها؟، ولعل من يفترض فيه الحرص على ذلك، صار حريصا على اقتناص بعض المخالفات الشكلية (انتقاءا) لعرقلة أولوية الأولويات (الصرف الصحي بحي التقدم نموذجا)، والمشكل أن الحريصين على شرعية الرئيسة ونائبها هم أول المنافحين والمبررين، وإن كانت مصلحة الساكنة هي المطية.
إن خلاصة الأمر، هو أن مسؤولية تدبير الجماعة، تقع على المجلس برمته، بما أنه يضم معارضا وحيدا، إذ أن مكتب المجلس (حكومة المدينة) إذا صح القول، دونما إغفال لمسؤوليات السلطة المحلية (العامل وباقي رجال السلطة)، يضم 5 أحزاب وليس حزب الاتحاد الاشتراكي وحده، ولكل فرد فيهم مسؤولية محددة بوثيقة منشورة بالجريدة الرسمية للجماعات الترابية، فهل من الموضوعية والعدل التركيز على عينة؟
وأخيرا، نحب أن نوضح أننا لا بالواقعين في موضع الدفاع عن من يظهر جدارة الدفاع عن نفسه، ولا نحن في موضع الهجوم على طرف معين، اللهم أهل السفالة والتفاهة، إلا أننا في وضعية التنبيه، سيما إذا كان التحدي هو شرعية مؤسسة تستمد وجودها من باقي أعضاء المجلس (رئاسته)، فإذا كانت مؤسسة غير شرعية، فإن ذلك يحمل الملاحظ على اعتبار كل أعضاء المجلس غير شرعيين.
وبما أن هذا الموضوع، كان من الأجدر أن نكون في غنى عنه، لو كنا أمام ممارسة ناضجة، تستجيب لضرورة التوقف عند رسائل الساكنة في الانتخابات، بالبحث عن آليات لاستعادة ثقتهم، فإنه لمن الواضح أن مثير هذا الموضوع يبحث عن شرعية على المقاس، في الوقت الذي لا يتوفر فيه على مشاريع لتنمية المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.