وزارة الداخلية فشلت فى خدمة التدبير المفوض
شعلة بريس
التدبير المفوض هو خدمة عمومية كانت تقوم بها الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، وصارت تمنحها للقطاع الخاص من أجل تدبيرها بشكل مختلف جودة ونجاعة، طبقا لمقتضيات القانون، فالجماعات المحلية من مهامها الأساسية تدبير عدد من الخدمات والمرافق الجماعية من مثل التطهير السائل والإنارة العمومية والنقل الحضري والمجازر وأسواق الجملة…
وللقيام بهذه المهام يمكن أن تلجأ الجماعات إلى عدة أشكال من التدبير، منها أن تدبير المرفق أو الخدمة بشكل مباشر أو أن تحدث وكالة تابعة لها أو أن تفوض الأمر إلى شركات من القطاع الخاص في إطار عقدة محددة، وهذا الشكل الأخير هو الذي نسميه التدبير المفوض.
أعلن السيد محمد حصاد، وزير الداخلية، على أن الجماعات المحلية لكلٍ من الرباط وطنجة وتطوان قد استرجعوا تسيير وتدبير وكالات الماء الصالح للشرب والكهرباء، وذلك بسبب أن “الاختلالات التي رافقت هذا التدبير أكثر بكثير من الامتيازات التي وعدت بها السلطات المحلية خلال القيام بتفويت قطاع من القطاعات“.
واعترف وزير الداخلية، من خلال إجابته على بعض النواب البرلمانيين للأسئلة الشفوية اليوم الثلاثاء بالغرفة الأولى، بشكل ضمني فشل سياسة التدبير المفوض التي اعتمدتها العديد من الجماعات المحلية للمدن الكبرى، مسجلا أن الجماعات يجب أن تتعامل مع التدبير المفوض بنوع من البراغماتية، وإعادة النظر في جميع الشركات التي لا تحترم العقود المبرمة
وقد نوها السيد محمد حصاد على أن مشاكل قطاع جمع النفايات تهي تجربة لا بد من الاستمرار فيها ولا مفر منها، موضحا أنه لا يمكن للبلديات الإشراف عليها، قبل أن يدعو جميع شركات النفايات التي لم تؤد واجباتها إلى ضرورة القيام بما تم الاتفاق عليه.
وأشار الوزير حصاد بخصوص النقل الحضري أن هناك مد وجزر في الموضوع، مبرزا أن الشركات التي تشتغل بشكل جيد وتحل إشكالات النقل للمواطنين، سنستمر في التعاقد معهم، في حين تمت مراجعة العقود التي ظهرت فيها إشكالات كما وقع في الرباط والدار البيضاء.
وانتقد عبد اللطيف بروحو، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، سياسة التدبير المفوض، داعيا الوزير حصاد إلى الاعتراف بفشل التدبير، قبل أن يطالب وزارة الداخلية بالوقوف على الأمر، لأن هذه أموال عمومية يجب أن نراقبها” وفق تعبيره.
واستدل بروحو على تجربة مدينة طنجة، مشيرا إلى أن “استرجاع عقود التدبير المفوض بطنجة دفعت خلاله الجماعة 200 مليار سنتيم”، وتابع بالقول إن “أمانديس عوض ما نحاسبوها ولينا نعطيو الفلوس باش تمشي فحالها”. على حد قوله.
لكن من يتحمل المسؤولية في فشل التدبير المفوض في المرتبة الأولى فهي وزارة الداخلية، على اعتبار أن هذه الأخيرة هي من تتدخل وتدفع هذه الجماعات إلى اللجوء إلى التدبير المفوض في بعض المجالات، من خلال تدخل وتوجيه مباشر منها.
ونأخذ على سبيل المثال قطاع النظافة أو النفايات السائلة، أو حل الوكالات المستقلة أوتفويت بعض المرافق للخواص، فليس هناك أي مجلس يمكن أن نقول إنه اتخذ قرارا في هذا الشأن من تلقاء نفسه و باستقلالية.
فوزارة الداخلية تتصور أن حل عدد من الإشكالات المرتبطة بتدبير بعض المرافق العمومية سيكون بيد الخواص، سيما بعد التدهور والأزمات التي عرفتها الوكالات المستقلة، سواء في قطاع النقل الحضري أو في ميدان توزيع الماء و الكهرباء، لذلك تدفع بعض المجالس إلى تسيير تلك المرافق عن طريق التدبير المفوض، إلا أن الملاحظ أن هذا التدبير لم ينجح بسبب غياب التتبع والمراقبة وضعف التدبير.
يضاف إلى ذلك مشكل دفاتر التحملات التي تتميز في عدة حالات بوجود ثغرات كبيرة، غير أن الأخطر هو عدم الحرص على احترام مقتضياتها من طرف المسؤولين، حيث صارت تغيب عن تدبير تلك القطاعات النجاعة، فيما تعرف الأثمنة المفروضة على المواطنين المستفيدين ارتفاعا كبيرا، ونأسف إلى أن طريقة عمل تلك الشركات العالمية في المغرب تختلف كثيرا عن طريقتها بدول أخرى سواء في أوربا أو في أمريكا اللاتينية، ولننتبه إلى أن الإنارة العمومية أو تطهير السائل يدبر بمستوى عال بدول أخرى، وفي المغرب تكون النتيجة عكسية في غياب المحاسبة.وبالتالي ففشل التدبير المفوض لبعض القطاعات تتحمله بشكل وزارة الداخلية تم الجماعات المحلية التي لا تتحمل مسؤولياتها في المراقبة والتتبع بالإضافة إلى غياب الخبرة مما يجعل الجماعات تسقط ضحية لتلك الشركات.
لماذا لم تستفد الدولة من التجارب الفاشلة السابق
المفروض أن تقوم الجماعات المحلية ووزارة الداخلية بعملية المراقبة و التتبع و التقييم المستمر للتدبير المفوض لأي مجال أو قطاع، إلا أن ما يحدث أن وزارة الداخلية تتلكأ في هذا الأمر، ولا تنهج سياسة الضرب على أيدي المتلاعبين في تسيير تلك المرافق، بل تركن إلى الحلول البسيطة التي لا تنصف لا الجماعة ولا المواطن المستفيد من تلك الخدمات.